طَرِيقَةٌ جَدِيدَةٌ تُحَدِّدُ بِدِقَّةٍ نَشاطَ الجيناتِ والبروتيناتِ عَبْرَ الأنسجةِ

خلايا سرطان الثدي البشري تُظهر: A) بَلاعمَ مُثبِّطةً للمناعة عند السدى الورمي، وB) بَلاعمَ مُحفِّزةً للمناعة قرب أعشاش الورم.
صُورةٌ لِخلايا سَرَطانِ الثَّدِي البشري تُظهِر: A) البَلاعمَ المُثبِّطةَ للمناعةِ بالقُربِ من السِّدَى الورمي، وB) البَلاعمَ المُحفِّزةَ للمناعةِ بالقُربِ من أعشاشِ الوَرَم.
حقوق الصورة: نير بن‑تَشْريت.

يُمكن لطريقةٍ جديدةٍ أن تُسَلِّطَ الضوءَ بوضوحٍ على هُويّاتِ ووظائفِ الخلايا الحيّةِ في أرجاءِ عُضوٍ كاملٍ أو ورمٍ، وبِدقّةٍ غيرِ مسبوقة، وذلكَ وَفقًا لدراسةٍ قادها باحثون من كلية طبّ وايل كورنيل، ومستشفى نيويورك‑بريسبتيريان، ومركز جينوم نيويورك. هذه الطريقة، التي وُصِفت في ورقةٍ بحثيةٍ نُشرت في 2 يناير في مجلة Nature Biotechnology، تُسجِّل أنماطَ نشاطِ الجينات وتُقَدِّر وفرةَ البروتيناتِ الرئيسيّة في خلايا عَيِّنات الأنسجة، مع الاحتفاظِ بالمعلوماتِ الدقيقةِ عن مواقعِ الخلايا. ويُمَكِّن ذلك من إنشاء “خرائط” مُعقَّدةٍ وغنيّةٍ بالبيانات للأعضاء، بما في ذلك الأنسجةُ السليمةُ والمَرَضيّةُ والأورامُ، الأمرُ الذي قد يُساهِمُ على نحوٍ كبيرٍ في الأبحاثِ الأساسيةِ والسريرية.

قال المؤلِّفُ المُشارِك في الدراسة، الدكتور دان لاندو، وهو أستاذٌ مُساعِدٌ في الطبّ بقسم أمراض الدمّ والأورام الطبية، وعضوٌ في مركز ساندرا وإدوارد ماير للسرطان في كلية طبّ وايل كورنيل، وعضوٌ أساسيٌّ في مركز جينوم نيويورك: «هذه التقنيةُ مُثيرةٌ لأنّها تُمَكِّنُنا، بدقّةٍ غير مسبوقة، من رسمِ التنظيمِ المكانيِّ للأنسجة، بما يشمل أنواعَ الخلايا وأنشطتَها وتفاعلاتِها بعضها مع بعضٍ، كما لم يحدث من قبل».

والمؤلِّفُ المُشارِكُ الآخر هو الدكتور مارلون شتوكيُس من شركة \text{10x Genomics}، وهي شركةُ تكنولوجيا حيوية مقرُّها كاليفورنيا مُتخصِّصةٌ في تصنيعِ المُعَدّات المخبرية لتوصيفِ الخلايا داخل عَيِّنات الأنسجة. أمّا المؤلِّفون الثلاثةُ الأوائل فهم الدكتور نير بن‑تَشْريت، وشيانغ نيو، وأريئيل سْوِيت، وهم تباعًا: باحثٌ بَعدَ الدكتوراه، وطالبُ دراساتٍ عُليا، وفنّيُّ أبحاثٍ في مختبرِ لاندو أثناءَ الدراسة.

وتأتي الطريقةُ الجديدةُ في سياقِ جهودٍ واسعةٍ للعلماء والمهندسين لتطويرِ طرائقَ أفضل لـ«رؤية» كيفيّةِ عملِ الأعضاءِ وعلاقاتِ الخلايا فيما بينها على المُستوى المجهري. وقد أحرز الباحثون في السنواتِ الأخيرة تقدُّمًا كبيرًا، ولا سيّما في تقنياتِ توصيفِ نشاطِ الجينات وطبقاتٍ أخرى من المعلومات في الخلايا الفرديّة أو في مجموعاتٍ صغيرةٍ منها. ومع ذلك، تتطلّب هذه التقنياتُ عادةً إذابةَ النسيجِ وفصلَ الخلايا عن جيرانِها، ما يُفْقِدُنا معلوماتٍ حاسمةً عن المواقعِ الأصليةِ للخلايا داخل الأنسجة.

على خلاف ذلك، ترصُدُ الطريقةُ الجديدةُ أيضًا تلك المعلوماتِ المكانيةَ الحيويّةَ وبِدقّةٍ عالية. تُسمّى هذه الطريقة \text{Spatial PrOtein and Transcriptome Sequencing (SPOTS)}، وهي تعتمدُ جُزئيًّا على تكنولوجيا \text{10x Genomics} الحاليّة. وتستخدمُ شرائحَ زجاجيةً مُخصَّصةً تُمكِّن من تصويرِ عَيِّنات الأنسجة بطرائقِ علم الأمراض المعتمدة على المِجْهَر الضوئي، وهي مغطّاةٌ أيضًا بآلافِ المَجَسّاتِ الجزيئيّةِ الخاصة. يحملُ كلُّ مَجَسٍّ «باركودًا» جُزيئيًّا يُشيرُ إلى إحداثيّاتِ موقعِه ثنائيّةِ الأبعاد على الشريحة. وعندما توضَعُ قِطعةٌ رقيقةٌ من نسيجٍ على الشريحة وتُجْعَلُ خلاياها نَفّاذةً، تلتقط هذه المَجَسّاتُ جُزيئاتِ \text{RNA}، ولا سيّما الحمضَ النوويَّ الريبيَّ الرسول \text{(mRNAs)} للخلايا المُجاوِرة، وهي في الجوهر نُسَخُ الجيناتِ النشطة.