العلاج الحراري قد يجعل العلاج الكيميائي أكثر فعالية

حاملة نانوية مُحمَّلة بدوكسوروبيسين داخل الخلايا (أعلى) وخارجها (أسفل)، مع وجود حاجز دموي–نسيجي.
حاملة نانوية مُحمَّلة بدوكسوروبيسين داخل الخلايا (في الأعلى) وخارجها (في الأسفل)، مع وجود حاجز دموي–نسيجي.
المصدر: Journal of Materials Chemistry B / Nguyen T. K. Thanh / Florian Aubrit / Olivier Sandre / Lilin Wang
لمحة عامة عن الدراسة

تسخين الخلايا السرطانية أثناء إخضاعها للعلاج الكيميائي يُعَدّ وسيلة فعّالة للغاية لقتلها، وفقًا لدراسة جديدة قادها باحثون من كلية لندن الجامعية (UCL).
الدراسة، التي نُشرت في مجلة Journal of Materials Chemistry B، وجدت أنّ ربط دواء العلاج الكيميائي بجسيماتٍ نانويةٍ مغناطيسية قادرةٍ على توليد الحرارة كان أكثرَ فاعليةً بنسبةٍ تصل إلى \(34\%\) في تدمير الخلايا السرطانية، مقارنةً بالعلاج الكيميائي وحده من دون تسخين.

كيف يعمل النهج؟

الجسيماتُ النانويةُ من أكسيد الحديد المغناطيسي الحاملةُ لدواء العلاج الكيميائي تولِّد حرارةً عند تعرُّضها لمجالٍ مغناطيسيٍّ مُتَناوِب.
هذا يعني أنه ما إن تتراكم هذه الجسيمات داخل الورم، يمكن تطبيق المجال المغناطيسي من خارج الجسم لتوصيل الحرارة وإطلاق الدواء في آنٍ واحد.

كان تأثير العلاجين تآزُريًّا — أي إن كلًّا منهما يُعزِّز فاعلية الآخر — مما يجعل الجمع بينهما أكثرَ فاعليةً من استخدام أيٍّ منهما على حِدة.
أُجريت الدراسة على خلايا في المختبر، ويستلزم الأمر مزيدًا من الأبحاث قبل الانتقال إلى التجارب السريرية على المرضى.

تصريحات الباحثين
قال المؤلف الرئيسي البروفيسور Nguyen T. K. Thanh (مجموعة الفيزياء الحيوية، قسم الفيزياء وعِلم الفلك بكلية لندن الجامعية): "تُظهر دراستُنا الإمكانات الهائلة للجمع بين العلاج الكيميائي والعلاج الحراري الموصَّل عبر الجسيمات النانوية المغناطيسية.
وبرغم أنّ هذا النمط من العلاج مُعتمَد لعلاج الأورام الدِّبْقية السريعة النمو، تُشير نتائجنا إلى إمكانية توسيع نطاقه ليُصبح علاجًا شاملًا مُضادًّا للسرطان."
وأضاف: "يمتاز هذا النَّهج أيضًا بإمكانية تقليل الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي عبر استهدافٍ أدقّ للخلايا السرطانية مع الحدّ من إصابة الأنسجة السليمة.
ويجب استكشاف ذلك في تجاربَ إضافيةٍ قبل سريرية."
التجارب والنتائج

في الدراسة، ربط الباحثون الجسيماتَ النانويةَ المغناطيسيةَ بدواء دوكسوروبيسين الشائع، وقارنوا تأثير هذا المركّب في أوضاعٍ تجريبيةٍ مختلفة على خلايا سرطان الثدي البشري، وخلايا ورمٍ دِبْقي (سرطان الدماغ)، وخلايا سرطان البروستاتا المُشتقّة من الفئران.

في الحالة الأكثر نجاحًا، وجدوا أن الحرارة ودوكسوروبيسين معًا قضيا على \(98\%\) من خلايا سرطان الدماغ بعد 48 ساعة، في حين قضى دوكسوروبيسين وحده على \(73\%\).
وفي المقابل، بالنسبة لخلايا سرطان الثدي، قتل الجمع بين الحرارة ودوكسوروبيسين \(89\%\) من الخلايا، مقارنةً بـ\(77\%\) عند استخدام دوكسوروبيسين وحده.

حساسية الخلايا للحرارة

الخلاياُ السرطانيةُ أكثرُ حساسيةً للحرارة من الخلايا السليمة؛ إذ تخضع للموت المبرمج (الاستماتة) عند وصول درجة الحرارة إلى \(42\,^\circ\mathrm{C}\)، بينما تتحمّل الخلايا السليمة حرارةً تصل إلى \(45\,^\circ\mathrm{C}\).

وجد الباحثون أن رفع حرارة الخلايا السرطانية ببضع درجاتٍ فقط، إلى \(40\,^\circ\mathrm{C}\)، عزَّز فاعليةَ العلاج الكيميائي، ما يعني إمكانية استخدام كميّاتٍ أقلّ من الجسيمات النانوية.

كما تبيّن أن الجمع بين العلاجين كان أكثرَ فاعليةً عندما ابتلعت الخلايا الجسيماتِ النانويةَ أو استوعبتها؛ غير أنهم لاحظوا أيضًا تعزيـزًا للعلاج الكيميائي حتى عند توليد الحرارة خارج الخلايا السرطانية (وهو أسلوبٌ أسهلُ للتطبيق).

ومع ذلك، ظهرت التأثيراتُ عند درجات الحرارة المنخفضة فقط حين تُمتَصُّ الجسيماتُ النانويةُ من أكسيد الحديد أو تُرسَّب بإحكام على سطحِ الخلايا السرطانية.

تصميم الجسيمات وإطلاق الدواء

تحتوي الجسيماتُ النانويةُ على طِلاءٍ بوليمريٍّ يمنع دواءَ العلاج الكيميائي من التسرب إلى الأنسجة السليمة.
الطِّلاءُ حساسٌ للحرارة ودرجةِ الحموضة، ومُصمَّمٌ لإطلاق الدواء عندما ترتفع الحرارة وتدخل الجسيماتُ إلى جيوبٍ خلويةٍ صغيرة تُسمّى "الليزوزومات" أكثرَ حموضةً من وسط الخلية.

كان توصيلُ الدواء داخل الخلايا فعّالًا على نحوٍ خاص في خلايا سرطان البروستاتا المُشتقّة من الفئران، حيث أظهر فاعليةَ قتلٍ خَلَويًّا مُتفوِّقةً وتأثيرًا تآزُريًّا، ولا سيّما عند رفع درجة الحرارة إلى \(42\,^\circ\mathrm{C}\).

قال المؤلف المشارك الدكتور Olivier Sandre، من جامعة بوردو: "نظرًا لإمكانية توليد الحرارة عبر المجال المغناطيسي المتناوب، يمكن توجيه إطلاق الدواء بدقّةٍ نحو الخلايا السرطانية، مما يُقلّل الآثارَ الجانبية المحتملة."

تلقّى الباحثون تمويلًا من مجلس أبحاث العلوم الهندسية والفيزيائية (EPSRC)، ومكتب الأبحاث والتطوير الجوي–الفضائي الآسيوي (AOARD)، والتعاون الأوروبي في العلوم والتكنولوجيا (COST)، وكلية لندن الجامعية، وجامعة بوردو، وقد تعاونوا مع شركة Resonant Circuits Limited.