مُلَخَّص
لأوَّلِ مرَّةٍ، يُوَفِّرُ مُطَيَّافُ الأشعَّةِ تَحْتَ الحَمْرَاء الإماراتيّ (EMIRS) على متنِ مَهَمَّةِ الإماراتِ لاستكشافِ المريخ (EMM) «الأمل» قياساتٍ لِدَرَجَةِ حَرَارَةِ السَّطْحِ على مدارِ اليومِ في مُعْظَمِ أنحاءِ الكوكب. وبناءً على ذلك، أضحى بإمكانِنا الآن أن نُقَارِنَ قياساتِ دَرَجَةِ حَرَارَةِ السَّطْحِ المُسْتَخْلَصَةِ من المدارِ بتلكَ التي أَجْرَتْها المُرْكَبَاتُ الجَوَّالَةُ على السَّطْحِ خلالَ الفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ ذاتِها.
نَسْتَخْدِمُ سِجِلَّاتِ التَّغَيُّرِ اليَوْمِيِّ لِدَرَجَةِ الحَرَارَةِ من حُزْمَةِ «محطَّةِ رَصْدِ البيئةِ المُتَنَقِّلَة» (REMS) على متنِ «مُخْتَبَرِ العلومِ المِرِّيخِيّ» (MSL) كيوريوسيتي، وحُزْمَةِ «مُحَلِّلِ ديناميكياتِ البيئةِ المِرِّيخِيَّة» (MEDA) على متنِ مركبةِ «المريخ 2020» بيرسيفيرانس، وذلك بين يونيو/حَزِيرَان وأغسطس/آب 2021، ونُقَارِنُها مع مُلاَحَظَاتِ EMIRS وتَقْدِيراتِ نَمُوذَجِ «قاعدةِ بياناتِ مُنَاخِ المريخ» (MCD).
نُبْدِي أنَّه، على الرُّغْمِ من التَّوافُقِ العَامِّ في اتِّجاهِ تغيُّرِ دَرَجَةِ الحَرَارَةِ عبرَ المَهَمَّاتِ المُخْتَلِفَة، فإنَّ قياساتِ EMIRS تُظْهِرُ قِيَمًا أدنى لِدَرَجَاتِ الحَرَارَةِ اللَّيْلِيَّةِ مُقارَنَةً بقياساتِ مركبةِ «المريخ 2020». ويبدو أنَّ الدِّقَّةَ المَكانيَّةَ الأَقَلَّ لِـEMIRS، مُقَارَنَةً بالأجهزةِ المَحْمُولَةِ على المُرْكَبَاتِ الجَوَّالَة، قد ساهَمَت بصورةٍ رَئِيسيَّةٍ في تَدَنِّي مُتَوَسِّطِ التَّبَايُنِ الحَرَارِيِّ لِلْمَناطِقِ المُرْصُودَة، إلى جانبِ عَوامِلَ أُخْرَى. نُناقِشُ تَبِعَاتِ هذهِ النَّتائجِ على تحسينِ فَهْمِنا لِمُناخِ المِرِّيخ، بما يُفْضِي إلى تَعْظِيمِ دِقَّةِ نَمْذَجَةِ التَّنَبُّؤَاتِ الجَوِّيَّةِ المَحَلِّيَّة، وهو ما يَعودُ بالفائدةِ على المَهَمَّاتِ الرُّوبُوتِيَّةِ والمأهولةِ مُسْتَقْبَلًا.
ٱلْمُقَدِّمَةُ
يُعَدُّ تَحَوُّلُ المِرِّيخِ من كَوْكَبٍ دافِئٍ رَطْبٍ، رُبَّما كانَ صالِحًا لِلْحَيَاةِ في ماضِيه، إلى كَوْكَبٍ بارِدٍ جافٍّ كما نُشَاهِدُهُ اليوم، مَجالًا نَشِطًا لِلبَحْثِ من قِبَلِ وَكَالاتِ الفَضاءِ حولَ العالَم. ومِنَ المُهِمِّ ليس فَقَطِ التَّحَقُّقُ مِن هذا التَّحَوُّلِ لِفَهْمِ المِرِّيخ، بَلْ أيضًا لِتَمْكِينِنا مِنِ الاسْتِدْلالِ على تطوُّرِ الأَرْضِ وبَقِيَّةِ الكَواكِبِ في المَجْمُوعَةِ الشَّمْسِيَّةِ وخارجَها بِصُورَةٍ أَفْضَل.
تُقَدِّمُ العَمَلِيَّاتُ الجَوِّيَّةُ والسَّطْحِيَّةُ الحاليَّةُ على المِرِّيخِ أَدِلَّةً قَوِيَّةً على هذا التَّغَيُّرِ الطَّويلِ الأَمَدِ لِلْكَوْكَب. وتُعَدُّ دِراسَةُ التَّبَايُنِ اليَوْمِيِّ والمُوسِمِيِّ لِدَرَجَةِ حَرَارَةِ سَطْحِ المِرِّيخِ مِن أَهَمِّ المَسائِلِ؛ نَظَرًا إلى دَوْرِها المِحْوَرِيِّ في ضَبْطِ جُمْلَةٍ مِنَ العَمَلِيَّاتِ السَّطْحِيَّةِ والضَّحْلَةِ القَرِيبَةِ مِنَ السَّطْحِ، وكذا العَمَلِيَّاتِ الجَوِّيَّةِ السُّفْلِيَّةِ على المِرِّيخ، وتأثيرِها في الطَّقْسِ والمُناخِ وهروبِ المُتَطايراتِ مِنَ الغِلافِ الجَوِّيِّ.
سابقًا، أُجْرِيَتْ قياساتُ دَرَجَةِ حَرَارَةِ السَّطْحِ مِنَ المُدارِ باستِخْدامِ أجهزةٍ مثل «مِقياسِ الانْبِعاثِ الحَرارِيّ» على متن «مسّاحِ المِرِّيخِ العالَمي»؛ و«المُطَيَّافِ الفُورِيِّيهِيِّ الكَوْكَبِيّ» على متن «مارس إكسبريس»؛ و«القَناةِ الحَرَارِيَّةِ تَحْتَ الحَمْرَاء» (TIRVIM) وهي جُزءٌ من حُزْمَةِ الكيمياءِ الجَوِّيَّةِ على متن «مُتَتَبِّعِ غازاتِ الغِلافِ الجَوِّيِّ» التَّابِعِ لِبَعْثَةِ «إكسومارس»؛ و«مُطَيَّافِ الاسْتِطْلاعِ الصُّورِيِّ المُدْمَجِ لِلْمِرِّيخ» على متن «مُدارِ اسْتِكْشافِ المِرِّيخ»؛ وكذلك «مارس أوديسي/نِظامِ التَّصْوِيرِ بانْبِعاثِ الأَشِعَّةِ الحَرارِيَّة» (THEMIS). كما أُجْرِيَتْ هذه القياساتُ بواسطةِ المُهَبِطَاتِ والرُّوفَرات، مثل «ڤايكنغ 1 و2»، و«روفرَي استكشافِ المِرِّيخ» سْبيريت (Spirit) وأوبورتيونيتي (Opportunity)، وحُزْمَةِ «محطَّةِ رَصْدِ البيئةِ المُتَنَقِّلَة» على متن «مُخْتَبَرِ العلومِ المِرِّيخِيّ» كيوريوسيتي، و«مُحَلِّلِ ديناميكياتِ البيئةِ المِرِّيخِيَّة» على متنِ مركبةِ «المريخ 2020» بيرسيفيرانس، وحُزْمَةِ «خَصَائِصِ الحَرارَةِ والخَصَائِصِ الفِيزْيَائِيَّة» لِمَهَمَّةِ «إنسايت». واعتمادًا على المُدار، تَتَمَيَّزُ قياساتُ الأَقْمَارِ الصِّناعِيَّةِ بتَغْطِيَةٍ جُغْرافِيَّةٍ واسِعَةٍ، غير أنَّها مَحْدُودَةٌ مِن حيثُ التَّغْطِيَةِ الزَّمَنِيَّةِ المَحَلِّيَّة. في المُقابِل، تُوَفِّرُ المُرْكَبَاتُ الهابِطَةُ والرُّوفَراتُ قياساتٍ زَمَنِيَّةً مُتَّصِلَةً على مدارِ اليومِ، لكن ضمنَ نِطاقاتٍ مَكَانِيَّةٍ مَحْدُودَة. وتَهْدِفُ مَهَمَّةُ الإماراتِ لاسْتِكْشافِ المِرِّيخ «الأمل» إلى سَدِّ هذهِ الفَجْوَةِ الرَّصْدِيَّةِ، بِالجَمْعِ بينَ تَغْطِيَةٍ مَكَانِيَّةٍ واسِعَةٍ وتَغْطِيَةٍ زَمَنِيَّةٍ يَوْمِيَّةٍ شِبْهِ كامِلَة.
أحَدُ الأَهْدافِ الرَّئِيسِيَّةِ لِـ«الأمل» هو تَوْفِيرُ نَظْرَةٍ كَوْكَبِيَّةٍ شَامِلَةٍ للمِرِّيخِ على المَقادِيرِ الزَّمَنِيَّةِ اليَوْمِيَّةِ والموسِمِيَّةِ. يُتِيحُ المُدارُ الفَرِيدُ للمَهَمَّةِ مُتابَعَةَ التَّوَزُّعِ المَكانيِّ لِدَرَجَةِ حَرَارَةِ السَّطْحِ ودَرَجَةِ حَرَارَةِ الطَّبَقاتِ القَرِيبَةِ مِنْهُ في مُعْظَمِ أنحاءِ الكَوْكَبِ وعلى امتدادِ ساعاتِ اليومِ المَحَلِّيّ. كما يُمَكِّنُنا مِن قِياسِ التَّبَايُناتِ الحَرَارِيَّةِ اليَوْمِيَّةِ على مَدارِ اليومِ المِرِّيخِيِّ، مع غِطاءٍ شِبْهِ كامِلٍ للكَوْكَب. وبما أنَّنا نَقْدِرُ على رَصْدِ هذهِ التَّبَايُناتِ في مُعْظَمِ مَواقِعِ المِرِّيخِ، فإنَّ ذلك يَفْتَحُ فُرْصَةً فَرِيدَةً لِمُقَارَنَةِ المُلاحَظاتِ المُباشِرَةِ مِنَ المُدارِ بتِلْكَ المُقاسَةِ على السَّطْح.
في هذهِ الدِّراسَةِ، نُقَدِّمُ تقريرًا عنِ التَّبَايُنِ الحَرارِيِّ اليَوْمِيِّ على نِطاقٍ كَوْكَبِيّ كما قاسَهُ «الأمل» من المدار، ونُقَارِنُهُ بقياساتِ السَّطْحِ التي أَجْرَتْها مركبتا «مُخْتَبَرِ العلومِ المِرِّيخِيّ/كيوريوسيتي» و«المريخ 2020/بيرسيفيرانس» خلالَ الفَتْرَةِ الزَّمَنِيَّةِ نَفْسِها. نَسْتَعْرِضُ عَوامِلَ عِدَّةً قد تُفْضِي إلى هذهِ الاخْتِلافاتِ في القياساتِ ونُقْتَرِحُ سُبُلًا لِلتَّقْلِيلِ منها. كما نُقَارِنُ هذهِ القياساتِ بِـ«قاعدةِ بياناتِ مُنَاخِ المِرِّيخ» ونُناقِشُ ما يَنْجُمُ عنها مِن آثارٍ على تحسينِ نَمْذَجَةِ الطَّقْسِ والمُناخِ المِرِّيخِيَّيْن.
قِيَاسَاتُ اَلْمَرْكَبَةِ اَلْفَضَائِيَّةِ
المَدَارِيّ: مُطَيَّافُ الأَشِعَّةِ تَحْتَ الحَمْرَاءِ الإماراتيّ (EMIRS) / مَهَمَّةُ الإِمَارَاتِ لِاسْتِكْشَافِ الْمِرِّيخِ (EMM)
...