تم اكتشاف ثلاثة أنواع رئيسية من الشفق القطبي في الغلاف الجوي العلوي للمريخ: الشفق القطبي المنتشر[1]، الشفق القطبي البروتوني[2]، والشفق القطبي العذراء[3]. ينتج هذان النوعان الأولان عن ترسيب الجسيمات المشحونة عالية الطاقة خلال اضطرابات الرياح الشمسية الشديدة، أو عن اعتراض بروتونات الرياح الشمسية مباشرة. ويتميز الشفق القطبي العذراء بظهور بقع محددة من انبعاث الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن ذرات وجزيئات تُثار إلكترونيًا نتيجة ترسيب الإلكترونات المسرَّعة في الغلاف الجوي العلوي للمريخ[4,5]. وقد رُصد أساسًا من مراقبات الحافة باستخدام مافن ومارس إكسبريس، ويكثر في المناطق ذات الحقول القشرية القوية والمفتوحة طبوغرافياً. أما الشفق الذي يغطي أقساماً واسعة من نصف الكرة فقد رُصد نادرًا بواسطة مافن، وكان ذلك مقتصرًا على نطاق الأشعة فوق البنفسجية المتوسطة (>200 nm)[6].
في هذا التقرير نقدم أولى المراقبات القرصية الكاملة للشفق القطبي العذراء في المريخ عند الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية البعيدة (<200 nm). أُجريت هذه المراقبات باستخدام المطياف فوق البنفسجي للإمارات للمريخ (EMUS) على متن بعثة الإمارات إلى المريخ (EMM)، وهي مثالية لدراسة الشفق القطبي لعدة أسباب: أ) ارتفاع موقع الرصد ودورية نمط المراقبة في EMM، ب) الحساسية العالية لأداة EMUS. وتعتمد المراقبات على نمط U-OS2 المصمم لدراسة الغلاف الداخلي للمريخ، مع تغطية واسعة للجانب الليلي[7]، كما هو موضح في الشكل 1.
من 1 أبريل إلى 31 ديسمبر 2021، توفر 194 شريطًا بياناتيًا تغطيةً كافية لدراسة الشفق القطبي العذراء في الأشعة فوق البنفسجية البعيدة؛ حيث يُعرف الشفق بكونه أكثر من 30% من بكسلات القرص ذات زاوية سمت شمس أكبر من 110°.
يظهر الإشعاع أقوى عند خط الأكسجين 130.4 nm (من الحالة 3S إلى الحالة الأرضية 3P)، على الرغم من ملاحظته أيضًا في خطوط الأكسجين عند 98.9 nm و102.7 nm و135.6 nm. كما برزت دلائل لإشعاعات ضمن حزمة الرابطة الرابعة لجزيء CO، كما يتضح في الطيف النموذجي في الشكل 2.
يمكن تحليل الأشرطة المتطابقة إما بشكل فردي أو بتركيبها ثم حساب متوسطها لإنتاج صورة قرصية واحدة، كما هو مبين في الشكل 3. ويظهر الشفق القطبي العذراء نمطًا يتوافق عمومًا مع التوقعات؛ فهو يظهر بوضوح أكبر في مناطق الحقول القشرية القوية والمفتوحة طبوغرافياً (الشكل 3، اليسار). والاستثناء الملحوظ حدث أثناء تأثير كتلة إكليلية شمسية بين الكواكب في 21 يوليو 2021، إذ برز الشفق القطبي العذراء في مناطق ذات حقول قشرية ضعيفة (الشكل 3، اليمين). ويمكن كشف الشفق العذراء (بقوة تزيد عن 2 R في بقع متصلة واضحة) في نحو 55% من المراقبات؛ وهو أكثر شيوعًا في فترة الغروب مقارنةً بالفجر، ويُظهر تقلبات كبيرة على مقاييس زمنية تقارب 20 دقيقة، مما يعكس التغيرات الطبيعية في ديناميات الإلكترونات وتضاريس الحقول المغناطيسية بالقرب من المريخ.
تتيح هذه الصور القرصية الشاملة، جنبًا إلى جنب مع القياسات المتزامنة للإلكترونات فوق الحرارية والخصائص الهندسية والطبوغرافية للحقول المغناطيسية من مافن ومارس إكسبريس، فرصة واعدة لفهم العمليات البلازمية المعقدة التي تُسهم في ظهور الشفق القطبي الغامض على المريخ.